الحمدلله نحمده،ونستعين به، ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ومن يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليّاً ولا هادي، وصلى الله على خاتم النبيين وإمام المرسلين محمد، أفضل صلاة وأتمّ تسليمٍ، أما بعد..
سنتكلم في هذه المقالة القصيرة عن الدين بشكل عام، كلاما ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل، وعلى الله نتوكل وبه التوفيق.
معنى الدين لغة واصطلاحا؟
أولاً معنى الدين لغةً: في اللغة العربية، "الدين" يأتي من الجذر الثلاثي "د-ي-ن". وفيما يلي بعض التعريفات من معاجم اللغة العربية الشهيرة:
1 - يقول ابن منظور في "لسان العرب": "الدين الطاعة، ودان له أي أطاعه، والدين العادة، ويوم الدين هو يوم الجزاء والحساب" .
2 - في "القاموس المحيط" للفيروزآبادي: "الدين هو الطاعة والجزاء" ويشير أيضًا إلى أن الدين يمكن أن يكون بمعنى العادة والسلوك المتكرر .
3 - في "المعجم الوسيط" الذي أعده مجمع اللغة العربية بالقاهرة: "الدين هو مجموعة العقائد والشرائع والنظم التي تسير عليها حياة الإنسان، سواء في علاقته بربه أو بنفسه أو بغيره".
ودين في الاصطلاح الإسلامي: هو الإسلام ومنه والتسليم والخضوع والطاعة لله تعالى.
حاجة الناس للدين ؟
لو نظرنا في حال الخلق جميعا، لوجدنا أن الله خلقهم على تفاوتٍ في القوة والضعف جسدياً ونفسياً، وخلقهم جل وعلا على طبيعةِ أنهم ناقصون دائما، وهم في حاجة لبعضهم البعض ما داموا يريدون العيش والحياة، وهذا كما قال ابن كثير في تفسيره فيما معناه: " وماكان خلق الله لذلك -أي حاجة الناس بعضهم لبعض- إلا ليتقرر أن كل شيء يحتاج لشيء ليبقى ويدوم، إلا هو جل جلاله وتعالى عظيم شأنه لا يحتاج لشيء وليس كمثله شيء وهو السميع البصير. والخلق على طبيعتهم هذه فإنهم في حياتهم يحتاجون لملاذٍ آمنٍ ومصدر قوة، يلجؤون إليه في فرحهم وترحهم. وبالتالي فإن الحل هو الدين. وهذه حالة نفسية ثابتة في الخلق جميعا، لأنه بدون هذا لن يجد أحدهم معنىً ولا طعماً لحياته، وقد يكون هذا بعلمه أو بغير علمه. وهنا الخلق والدين بالمعنى العام قصدنا، من دون تخصيص. فمثلاً؛ تجد أقواماً في الهند أو غيرها من البلاد يعبدون الفئران، أوالأبقار، أو الشمس، أو القمر، وغير ذلك. لماذا؟ الجواب: كما أوضحنا آنفاً، هذا من طبيعة الخلق، فليس المقصود الفئران أو الأبقار أو غيرها، بل المقصود هو حاجتهم للملاذ الآمن في حياتهم ولن يصلوا إليه إلا بالدين. أمَّا نحن فنحمد الله على نعمة الإسلام، وعلى هدايته لنا.
الدين عند الله الإسلام:
إن الله من يوم ما خلق الأرض إلى يومنا هذا، ظهر الكثير من الأديان أو الديانات على وجه الأرض، بغض النظر عن محتواها ومقاصدها. ففي يومنا هذا، حسب ماتم احصاءه في إحدى الدراسات عن عدد الأديان الموجودة في العالم، حيث أنه يبلغ مابين 4000 إلى 4300 دين، ومنها الإسلام. ولك أن تتخيل أن من كل هذه الأديان لا يوجد إلا دين واحد صحيح ومنسجم مع الخلقة والفطرة والعقل البشري بجميع أبعاده، وهو الدين الذي يقبله الله وحده ، وهو الإسلام. كما قال تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }[سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ١٩]
والإسلام دين الخالق، وخالق الخلق أعلم بهم، فجعل لهم الإسلام دينا، لأن هذا هو الموافق لطبيعة خلقهم، وباعتقادنا كل أمر لله يكون بعلم وحكمة، فلا يكون أمر في الأرض ولا السماء إلا هكذا. ونسأل الله الثبات على هذا الدين، دين الحق المبين، وأن تكون خاتمتنا عليه، والحمدلله رب العالمين.
المصادر:
1. لسان العرب، لابن منظور.
2. القاموس المحيط، للفيروزآبادي.
3. المعجم الوسيط، من إعداد مجمع اللغة العربية بالقاهرة.